حول المبادرة

كلمة السيد حاميد حليم

مدير الحملة الوطنية لمكافحة ترويج المنتوجات البحرية دون الحجم التجاري المسموح به

رئيس مؤسسة المغرب الأزرق.

رغم الآليات القانونية و الموارد البشرية المسخرة للمراقبة و تنفيذ القوانين الرامية الى حماية الثروة السمكية لاتزال كميات مهمة من المواد البحرية تُسرب نحو أسواق الاستهلاك ، ما يُحمل المستهلك جزء من المسؤولية الأخلاقية بالمشاركة  في التشجيع على ارتكاب جرائم في حق البيئة  بتدمير الأرصدة السمكية وتهديد النظم الايكولوجية، بل اكثر من ذلك ضرب الإقتصاد الوطني و التنافسية، و ضرب استقرار الاستثمارات و فرص الشغل عوض تنميتها.

و ذلك بالإقبال الكبير على المنتوجات البحرية دون اعتبار لمصدرها و لا لجودتها و سلامتها، في ظل  في فجوة حول ثقافة الاستهلاك السمكي بالمغرب ، و  غياب برامج توعوية موازية حول موضوع “حماية الثروة السمكية” .

 تأتي مبادرة “حماية الثروة السمكية تبدأ من المستهلك” – كمبادرة مواطنة  تستهدف المستهلك الذي يعد أهم حلقة في سلسلة القيمة- لسد الفجوة التواصلية و تحميله جزء من المسؤولية المشتركة في حماية الثروة السمكية باعتبارها موروثا وطنيا ماديا، متجاوزة الخطاب الكلاسيكي الذي يُوجه عادة الى مهنيّ الصيد البحري و رجال البحر أو مجتمعات الصيد البحري بصفة عامة ، باعتبارهم المسؤولين المباشرين مهنيا و أخلاقيا .حيث يطمح من خلالها  ذوو النوايا الحسنة الرفع من مستوى الوعي  ب”حماية الثروة السمكية” و البيئة البحرية، كموروث طبيعي كوني ، في اطار المسؤولية المشتركة ، كسلوك حضاري وقائي يُحجّم تداول المنتوجات البحرية دون الحجم التجاري المسموح به، و ترويجها عبر سلسلة القيمة.

يكفي فقط الإشارة الى أن حوالي3 ملايين مواطنا مغربيا يعيشون من أنشطة الصيد البحري ، حتى نستفز الحس بالمسؤولية للمحافظة على استقرار هذا النشاط الحيوي و الاستراتيجي، و جعل حماية الثروة السمكية في صلب اهتمام جميع المواطنين، كجزء من اقتصاد البحر(الاقتصاد الأزرق) الذي يشمل السياحة و الصيد البحري(استراتيجية اليوتيس1-2) و الملاحة(الاستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق2030) و الطاقات المتجددة… .،حيث يشكل كل هذا الزخم جزء مهما من النسيج الاقتصادي للمملكة ، و دعامة استراتيجية للتنمية المستدامة و المندمجة ، ليكون من الذكاء الاجتماعي و الضرورة الحيوية و الوجودية انخراط جميع مكونات المجتمع في تنزيل المشاريع و البرامج و استثمار الفرص ذات الصلة ، بالشكل الذي يحقق هدف الاستدامة.

إن حماية المحيطات أصبحت موضوع ذي شأن يحتل نصيبا كبيرا من الاهتمام من طرف الرأي العام الدولي، و صناع القرارات ، في ظل ما تعيشه الإنسانية من تهديد  بسبب التغير المناخي ، نجد دلالته العميقة و أهميته في ترسيم يوم 8 يونيو كيوم عالمي للمحيطات ، و اطلاق عقد كامل من التحديات لتحقيق الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، يمتد من 2021 الى 2030  تحت شعار “حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام بحلول عام 2030”.

حماية الثروة السمكية مسؤولية كونية

تجتهد الأمم عبر العالم في المحافظة على ثرواتها الطبيعية و استدامتها ، عبر وضع قوانين لضبط استغلال الموارد و الحد من استنزافها و مكافحة هدرها. و تعتبر الثروة السمكية إرثا مشتركا بين الدول المطلة على البحر، لذلك تظهر تنظيمات و تكثلات حكومية تسن اتفاقيات مشتركة لضمان حسن الاستغلال ، و ضمان أقصى حد لحماية للأرصدة السمكية و التوازن الايكولوجي من أجل استدامة أنشطة الصيد البحري و الاقتصادات الرديفة ، و استقرار مجتمعات الصيد المرتبطة به. و رغم القوانين الداخلية و الاتفاقيات الدولية ،لا تزال الثروات الطبيعية تتعرض لسوء الاستغلال و الاستغلال الجائر، من طرف التكثلات الاقتصادية المتوحشة.